قمة القيم بالثوب الأبيض والعمامة السوداء.. هنا اللغة أقرب للسماء  

بقلم الاعلامي عباس عيسى

ليست زيارة الحبر الأعظم البابا فرنسيس الى العراق بعادية.. إنها زيارة اسثنائية بشكلها وأبعادها ،وفي ظروف أكثر من استثنائية .. في الربع الأخير من القرن الماضي قاد الإمام الصدر حركة حوار الأديان والثقافات، معتبرا” أن جوهر الرسالات واحد، وهو هدفها الأوحد؛ الإنسان..
ركّز الإمام الصدر على المشتركات الإسلامية المسيحية ، واعتبر لبنان بتنوعه لوحة إلهية صيغت بإرادة سماوية لتعكس البعد العالمي الإنساني لحوار الأديان..
قال ذلك أمام البابا يوحنا بولس الثاني، وكذلك في كل حوار ولقاء وسلوك قام به في أرض قال عنها: إنها تعكس السماء..
اليوم يأتي البابا الى العراق يتكثّف هذا المشهد الروحي بدلالاته الأخلاقية والمعنوية والإنسانية، وريث كرسي القديس بطرس يأتي حاملا مشعل الأمل والسلام ونبذ العنف والكراهية، في كل العالم لا سيما في بلاد الرافدين، البلاد الموغلة في الحضارة بلاد المقامات المقدسة ، عدل علي وبأس الحسين والأضرحة الشامخة للأئمة الأطهار..
الشاهدة على وقفات الأحرار!
يتعانق الهلال والصليب، في الأرض التي لم تبرح تسير درب الآلام، والجلجلة تحاكي كربلاء، الفرّيسيون في كل مكان يكيدون ، والحواريون حول الأضرحة ، ويحيطون بالمخلص لتبقى راية النور ، والأمل ، والرجاء تشع من لون الدماء..
هنا رأس الكنيسة يمشي في الأزقة الفقيرة، كما السيد في صقيع المغارة، يقصد رجلا مهيبا، كلمته صدى حب وعشق في قلوب الملايين ، في منزله المتواضع علم أهل البيت ، ورائحة وعبق الرسالة، ليس لديه من هذه الدنيا إلا ما يُعلي مقامه الأسمى زادا لدار البقاء..
عندما ننظر اليه، نشمخ بانتماء الى قامة نورانية، للمرجع المجتهد العابد الزاهد ، الذي يقتدي علما وسلوكا بالأئمة والأولياء..
جلس حامل وصايا السيد المخلص بثوبه الأبيض، الى جانب السيد الأبهى والعمامة السوداء..
كانت قيم الأديان حاضرة، قيم الخير والعدل والمحبة، وكرامة الإنسان
اليست هذه رسالة الأديان؟
الصورة غنية بدلالاتها، بمعانيها، هناك في هذا الحي المتواضع، جلس كبار ، تحدث كبار، قالوا لنا: تخلصوا من عثراتكم وتفاصيلكم الصغيرة، ابذروا حبوب الخير في الأرض التي ارتوت بدماء الشهداء..
ارض السواد والخير التي باركتها السماء..
أرض التاريخ والجغرافيا بألق مساجدها وكنائسها وتراثها العظيم..
كانت رسالة ولا أجمل من شخصيتين، مؤثرتين على مساحة المعمورة؛ بإمكاننا أن نصنع غد أفضل، أن نجعل هذه الأرض ترتاح من البكاء والنحيب، والدموع التي رفدت دجلة والفرات في بلاد الرافدين…
إنها قمة قامات الخير بوجه ظلم يستشري وعدوانية لا تتوقف، وظلم لا ينتهي.. تلك الأثواب البيضاء والسوداء أقرب للسماء.. فليتعظ أهل الأرض…
وقبل الختام كانت عمامة آسرة تبدو واضحة بين سيد الكاثوليكية ونور المرجعية، كانت عمامة الامام الصدر ابن العراق وايران والفاتيكان ولبنان ابن العروبة والإسلام والمسيحية المشرقية المتفاعلة مع القيم الغربية بما يخدم الرسالة الإنسانية…
في الختام :ثمة ضوء يتسلل من العراق، يد اسلامية ويد مسيحية في عهد وميثاق..
معا نواجه الشر
نصنع الفضيلة
ننبذ الفرقة والشقاق
٧-٣-٢٠٢١

Leave A Reply